نستعرض وجوب المراجعة كأثر للقول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت د. شرفي عبد القادر

Size: px

Start display at page:

Download "نستعرض وجوب المراجعة كأثر للقول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت د. شرفي عبد القادر"

Jodie Manning
5 years ago
Views:

1 عدد 84 ديسمبر 7102 المجلد أ ص. ص وجوب المراجعة كأثر للقول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت ملخص: تهدف هذه الدراسة إلى محاولة معرفة وجوب المراجعة كأثر للقول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت. لذلك يثور التساؤل حول ما إذا كان بإمكان المطلق مراجعة مطلقته وما إذا كان يجبر على ذلك إذا ما رفض االرتجاع أم ال د. شرفي عبد القادر كلية الحقوق جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة مقد مة: نستعرض في هذا المقال مذهب جمهور الحنفية والمالكية والظاهرية في ما يتعلق بأثر القول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت وهو وجوب قيام المطلق بمراجعة مطلقته وما إذا كان يجبر على ذلك إذا ما رفض اإلرتجاع أم ال وما هو الوقت الذي يمكن له فيه أن يطلق إذا ما أراد Abstract: The purpose of this study is to try to find out the need to review the occurrence of divorce as a pretence in terms of time. Therefore, the question that arises as to whether the husband can review his divorce, and whether he is forced to do so if he refuses to recuperate or not. This is what we will try to clarify through this article. جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة الجزائر 7102

2 )0( د. شرفي عبد القادر ذهب جمهور الحنفية والمالكية والظاهرية إلى القول بوجوب مراجعة المطلقة في الحيض وكذا المطلقة في طهر بعد حصول الجماع أو في حال نفاسها وإليك تفصيل ذلك في ما يأتي : أوال : فقهاء الحنفية قال فقهاء الحنفية بوجوب مراجعة المطلقة في الحيض أو في حال نفاسها أو في الطهر الموالي للحيضة التي وقع فيها الطالق وذلك لرفع المعصية التي وقع فيها الزوج بمباشرة الطالق في األوقات المذكورة وهي تطويل العدة على المرأة. وعللوا ذلك بالقول : أن الزوج إذا لم يراجع إمرأته حتى طهرت تقررت المعصية. وإذا رفض الزوج اإلرتجاع عزره الحاكم بما يعتقد أنه مناسب في زجره عن إرتكاب تلك المعصية مرة أخرى أي مباشرة الطالق في حال حيضها أو نفاسها أو في طهر باشرها فيه. ذلك أن المعاصي التي تفتقر إلى الحدود والتكفير يجب فيها التعزير عند األحناف. وعلى ذلك فما دامت الرجعة قد قررت لرفع المعصية فإن الزوج إذا ما راجع مطلقته كان ذلك بمثابة توبة منه وسقطت عنه العقوبة وإال بقيت في حقه قائمة. وإذا راجع الزوج ثم اراد أن يطلق بعد ذلك فما هو الوقت الذي يجوز له فيه الطالق هناك رأيان في المذهب الحنفي بشأن الوقت الذي يجوز للزوج أن يطلق فيه إن أراد ذلك بعد اإلرتجاع في الحيض الذي طلق فيه أحدهما : يجيز إيقاع الطالق في الطهر الموالي للحيضة التي وقع فيها الطالق والرجعة واآلخر اليجيز ذلك إال في الطهر الموالي لطهر الحيضة التي وقع فيها ذلك. لقد إستدل أصحاب الرأي األول على مذهبهم بما جاء في جامع الترمذي بإسناده إلى سالم عن أبيه عن عبدهللا بن عمر أن الرسول قال لعمر بن الخطاب: "... مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا... ". والعلة في ذلك كما قالوا هي أن المراجعة قد أزالت أثر الطالق فأصبح كأنه لم يطلقها حال حيضها فجاز له أن يطلقها في الطهر الذي يلي الحيض الذي طلق فيه. كما أن الطهر الموالي للحيض الذي أوقع فيه الزوج الطالق هو طهر خال من اإلصابة وال طالق فيه حقيقة فجاز له أن يطلق فيه كالطهر الثاني. واحتج القائلون بالرأي الثاني بما جاء في صحيح البخاري بإسناده إلى نافع عن عبدهللا بن عمررضي هللا عنه من قوله صلى هللا عليه وسلم: "... مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تظهر ثم )3( )7( تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس... ". والحكمة في تأخير مباشرة الطالق إلى الطهر الثاني فيما ذكروا هي أن السنة تقتضي الفصل بحيضة بين الطلقة واألخرى والفاصل حسب الرواية التي تجيز إيقاع الطالق في الطهر الموالي للحيضة التي باشر فيها الزوج الطالق والرجعة هو بعض الحيض فلزم أن تكتمل بالحيضة الثانية. وقال صاحب البدائع : أن الحكمة في ذلك هي أن الحيضة التي وقع فيها الطالق التحسب في فترة العدة فكان إيقاع الطالق فيها بمثابة إيقاع الطالق في الطهر الموالي لها. ولو وقع الطالق في هذا الطهر لم يكن جائزا إيقاع طالق آخر فيه فكذلك إيقاع الطالق في الحيض ثم إيقاع طالق آخر في الطهر الموالي له بعد المراجعة هو بمثابة مباشرة طالقين في طهر واحد وهو ما اليجوز. فوجب لذلك تأخير إيقاع الطالق عند أصحاب هذا الرأي في الطهر الثاني. واختلفت مصنفات الحنفية في نسبة هذين القولين إلى فقهاء المذهب. فذهب أبو الحسن الكرخي في ما ذكر عنه صاحب اللباب إلى أن القول بجواز مباشرة الطالق في الطهر الذي يلي الحيض الذي 374

3 وجوب المراجعة كأثر للقول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت وقع فيه الطالق واإلرتجاع هو قول أبي حنيفة. وأن القول بعدم جواز ذلك إال في الطهر الموالي لطهر الحيض الذي باشر فيه الزوج الطالق واإلرتجاع هو قول أبي يوسف ومحمد. وفي التصحيح كما أورد ذلك صاحب اللباب أيضا أن أبا الحسن الكرخي قال: إن تأخير الطالق إلى الطهر الثاني هو قول أبو يوسف ومحمد وإباحة الطالقة في الطهر الموالي للحيض الذي وقع فيه الطالق والرجعة هو قول أبي حنيفة. وفي الكافي أن القول بتأخير الطالق إلى الطهر الثاني هو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة. وجواز مباشرة الطالق في الطهر الموالي للحيض الذي وقع فيه الطالق والرجعة رواية عن أبي حنيفة. وذهب إبن عابدين إلى القول بأن ما ورد في المبسوط أي عدم جواز إيقاع الطالق إال في الطهر الموالي لطهر الحيضة التي طلق وراجع فيها هو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة كما جاء ذلك في الكافي. وظاهر المذهب وقول كل األصحاب كما ورد ذلك في فتح القدير هو أنه إذا راجعها في الحيض الذي طلق فيه أحجم عن طالقها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فيطلقها مرة أخرى وال يطلقها في حيضة )4( ألنه بدعي. ويؤد ظاهر الخبر الذي يقضي بتأخير الطالق إلى الطهر الثاني كما قال ما جاء في حديث عبدهللا بن عمررضي هللا عنهفي الصحيحين قوله صلى هللا عليه وسلم " مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر هللا أن تطلق لها النساء". وكما هو واضح مما أوردناه أعاله فإن المعتمد في المذهب الحنفي بشأن الوقت الذي يجوز إيقاع الطالق فيه عقب المراجعة في الحيض الذي وقع فيه الطالق هو الطهر الثاني بعد تلك الحيضة إستنادا إلى الرواية القاضية بتأجيل مباشرة الطالق إلى الطهر الموالي لطهر الحيضة التي حصل فيها الطالق والرجعة. ومما ينبغي اإلشارة إليه هو أن الكاساني إستدل على سنية مباشرة الطالق في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطالق بما جاء في سنن الدار قطني من قول الرسول صلى هللا عليه وسلم لعبد هللا بن عمر رضي هللا عنه حين بلغه نبأ طالقه إلمرأته وهي حائض : "... ما هكذا أمرك هللا إنك )6( 375 )5( أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء ". وذهب صاحب البدائع في تعلقه على هذا الحديث إلى أن الرسول صلى هللا عليه وسلم جعل الطالق في كل طهر طالقا سنيا والطهر األول للحيضة التي أوقع فيها الزوج الطالق طهرا فاعتبر إيقاع الطالق فيه طالقا للسنة. ولم يرجح أي صاحب البدائع أيا من الرأيين المتقدمين بل حاول الجمع بينهما بالجمع بين الروايتين مصدر الرأيين في التطبيق وذلك بأن جعل الطالق في الطهر الموالي للحيضة التي باشر فيها الطالق طالقا حسنا وجعل تأخير الطالق إلى الطهر الثاني طالقا أحسنا. ثانيا : المالكية وقال المالكية : أن من طلق إمرأته وهي حائض وجبت عليه رجعتها وكذلك الحال إن طلقها نفساء وهي رواية عن اإلمام أحمد )2( ويجبر على ذلك القترافه إثما يجب توبته منه )8( )9(. وال يجب عليه رجعتها إذا طلقها في طهر حصلت فيه مواقعة. واختلفوا في الوقت الذي يجبر فيه الزوج على ذلك فقال جمهورهم : يجبر طوال فترة العدة وهذا هو المعتمد عندهم. )01(

4 د. شرفي عبد القادر وحجة المالكية فيما ذهبوا إليه هي أن مدة العدة هي المدة المقررة شرعا النفصام العالقة الزوجية نهائيا بانتهائها. ولهذا فهي المدة التي يجوز فيها للمطلق استدامة زوجيته بمراجعة مطلقته فيجبر لذلك على المراجعة فيها. واختلفت الرواية عند أشهب فنقل عنه البعض قوله باإلجبار في الحيضة التي حصل فيها الطالق واحتجوا لذلك بظاهر قوله صلى هللا عليه وسلم : "... مره فليراجعها... ". الذي يفيد أن المراجعة تكون في الحيضة الحاصل فيها الطالق وألن أيام الحيضة التي طلقت فيها التحتسب من 376 )00( عدتها باتفاق الجميع فإذا لم ي ق ل باإلجبار فيها وقيل باإلجبار في غيرها طالت عدتها أكثر )07( )03( )04( )06( )05(. ونقل عنه البعض اآلخر القول باإلجبار ما لم يحل الطهر الثاني. ورأي المالكية هذا هو ما أخذ به المشرع المغربي في الفصل 42 مدونة األحوال الشخصية الذي نص فيه على إجبار الزوج على اإلرتجاع إذا طلق في الحيض. ومن المعلوم أن الطالق حال النفاس يأخذ حكم الطالق في الحيض في هذا الخصوص. والحجة في عدم إجبار الزوج على المراجعة إذا ما طهرت الزوجة من الحيضة الثانية في أحد القولين المنقولين عن أشهب هي أن النبي صلى هللا عليه وسلم أباح طالقها في هذا الطهر فلو أجبر على المراجعة فيه ألمكنه أن يطلق فيه بعد اإلرتجاع النتهاء الوقت المحظور فيه الطالق وهو ما قبل حلول الطهر الثاني فانعدمت لذلك فائدة اإلجبار. وقد رجح إبن المواز في هذه المسألة قول إبن القاسم وهو مذهب جمهور المالكية على قول أشهب. والظاهر أن سبب الرواية عن أشهب على النحو المتقدم أي القول باإلجبار على المراجعة في الحيضة التي حصل فيها الطالق يجد أساسه في رواية : "... مره فليراجعها ثم يطلقها طاهرا أو حامال ". والقول باإلجبار ما لم تطهر من الحيضة الثانية يستند إلى الرواية األخرى التي بها زيادة أي :... مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك قبل أن يمس... ". وإذا رفض الزوج اإلرتجاع خوف بالسجن فإن لم يمتثل سجن فإن لم يستجب خوف بالضرب فإن أبى ضرب فإن أصر على موقفه إرتجع الحاكم عليه وذلك بأن يقول له : حكمت عليك بالرجعة أو إرتجعت لك إمرأتك. وتكون هذه الرجعة صحيحة وإن إفتقرت إلى نية الزوج لقيام نية الحاكم مقام نيته في ذلك. ويكون كل هذا في وقت قصير ألنه إرتكب معصية يجب توبته منها. ذلك أنه إذا أمره الحاكم بالمراجعة فأبى هدد بالسجن فإن لم يفعل سجنه فإن لم يرتجع أمر بإحضاره من السجن وهدده بالضرب فإن لم يراجع ضربه فعال. متى يجوز للزوج أن يطلق إذا رغب في الطالق بعد اإلرتجاع. للمالكية بشأن الوقت الذي يجوز فيه للزوج أن يطلق إمرأته بعد مراجعته مختارا أو مجبرا أو بعد إرتجاع الحاكم له رأيان أحدهما : ذهب إلى القول أن الزوج له أن يطلق في الطهر الموالي للحيضة التي طلق فيها وراجع مع كراهة الطالق في هذا الطهر عند البعض من أصحاب هذا الرأي وعدم كراهة ذلك عند البعض منهم. وذهب أصحاب الرأي الثاني إلى أنه ليس للزوج أن يطلق إال في الطهر الموالي لطهر الحيضة التي طلق فيها وارتجع.

5 وجوب المراجعة كأثر للقول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت إن تأخير الطالق إلى الطهر الثاني على هذا النحو واجب عند بعض أصحاب هذا الرأي دون البعض اآلخر منهم. وفي ما يلي تفصيل ذلك. الرأي األول : يتفق أصحاب هذا الرأي على أن للزوج بعد مراجعة إمرأته المطلقة حال حيضها مختارا أو مجبرا أو بعد إرتجاع الحاكم عليه أن يطلقها إن أراد ذلك في الطهر الموالي للحيضة التي حدث فيها الطالق وتمت فيها المراجعة. ولكنهم إختلفوا في كراهة الطالق أو عدم كراهته في هذا الطهر فذهب البعض منهم إلى القول بكراهة الطالق في طهر الحيضة التي طلق فيها الزوج وارتجع وعدم إجبار الحاكم له على اإلرتجاع. وذهب البعض اآلخر إلى القول بعدم كراهة الطالق في الطهر األول بعد الحيضة التي حصل فيها الطالق والرجعة. والعلة في ذلك كما قالوا أن الزوج لما طلق في وقت نهي عن الطالق فيه أمر باإلرتجاع عقوبة له على ما إرتكبه من إثم بمباشرة الطالق في هذا )08( 377 )73( )02( )71( )09( )70( )77( الوقت فإذا أمضى ذلك الوقت وقع منه الطالق بال كراهة. واستند أصحاب هذا الرأي في ما ذهبوا إليه إلى ما روى يوسف بن جبير عن ابن عمر في هذا الحديث من أنه قال : " ليراجعها فإذا طهرت فإن شاء فليطلقها ". الرأي الثاني : وذهبوا معتنقوا هذا الرأي وهم اإلمام مالك وبعض أصحابه إلى أنه ليس للزوج أن يطلق إال في الطهر الموالي لطهر الحيضة التي طلق فيها وارتجع. واختلفوا بعد ذلك في ما إذا كان تأخير الطالق إلى الطهر الثاني واجب أم مستحب فذهب اإلمام مالك وبعض أصحابه إلى القول بالوجوب. وذهب البعض من فقهاء المذهب إلى القول باإلستحباب. أما قول اإلمام وبعض أصحابه بالوجوب فيستفاد من النصين التاليين : قال إبن القاسم : " قلت لمالك متى يطلقها إن أراد أن يطلقها بعدما أجبرته على رجعتها قال: يمهلها حتى تمضي حيضتها التي طلقها فيها ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلقها إن أراد ذلك وكذلك قال النبي صلى اله عليه وسلم ". وقال إبن قدامة : " وقال أصحاب مالك اليطلقها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر على ما جاء في الحديث". أي حديث عبدهللا بن عمر المتقدم والقاضي بتأخير الطالق إلى الطهر الثاني. وكما هو واضح فإن إفادة وجوب تأخير الطالق إلى الطهر الموالي لطهر الحيضة التي حصل فيها الطالق والرجعة ظاهرة في هذين النصين لالستشهاد فيهما على تأخير الطالق إلى الطهر المذكور بأمر الرسول صلى هللا عليه وسلم إلبن عمر بتأخير الطالق إلى ذلك الطهر واألمر كما يقول جمهور األصوليون يدل على الوجوب ما لم تصرفه عن هذا المعنى قرينة دالة على أحد معانيه األخرى. والعبرة من ذلك لتصح الرجعة بالمسيس في الطهر األول ذلك أن الزوج لو طلق في هذا الطهر لم يكن على المرأة عدة من الطلقة الواقعة في الحيض ألنه كأنما طلقها قبل الدخول وألن وجود وقت يمكن فيه الجماع هو شرط لصحة الرجعة وأن الطهر الموالي للحيضة التي وقع فيها الطالق والرجعة جعل لإلصالح فال يجوز الطالق فيه. ولعل ما يؤيد وجوب تأخير الطالق إلى الطهر الثاني عند اإلمام مالك وبعض أصحابه ما ذكره ابن رشد في مقدماته إذ يقول : " وأمر [ أي الزوج ] أن يطلقها في الطهر األول )74(... فالطهر األول

6 د. شرفي عبد القادر )75( مقصود للوطء فال يصلح فيه الطالق والطهر الثاني مخير فيه بين الوطء والطالق ". وما ذكره ابن رشد الحفيد بقوله : " أما المسألة الثانية وهي متى يوقع الطالق بعد اإلجبار فإن من إشترط في ذلك أن يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر. فإنما صار لذلك ألنه المنصوص عليه في حديث ابن عمر المتقدم. قالوا والمعنى في ذلك لتصح الرجعة بالوطء في الطهر الذي بعد الحيض ألنه لو طلقها في )76( الطهر الذي بعد الحيضة لم يكن عليها من الطالق اآلخرعدة ألنه كان يكون كالمطلق قبل الدخول ". " وبالجملة قالوا : إن من شرط الرجعة وجود زمان يصح فيه الوطء وعلى ذلك التحليل يكون من شرط طالق السنة أن يطلقها في طهر لم يطلق في الحيض الذي قبله وهو أحد الشروط المشترطة )72( عند مالك في طالق السنة فيما ذكر عنه عبدالوهاب". إن ما يالحظ على هذين النصين هو أن ابن رشد يقول بعدم صحة الطالق في الطهر األول. وأن ابن رشد الحفيد يشترط لصحة الرجعة عدم جواز إيقاع الطالق في ذلك الطهر أيضا ألنه الوقت الذي يصح فيه الجماع وهو ما يستوجب القول بأن تأخير مباشرة الطالق إلى الطهر الثاني هو أمر واجب. ومما يجب ذكره في هذا المقام هو أن أغلب ما وقع بين أيدينا للمالكية من مراجع التذكر إال الرأي القاضي باستحباب تأخير الطالق إلى الطهر الموالي لطهر الحيضة التي وقع فيها الطالق وتمت )78( فيها المراجعة وأهملت حتى التلميح إلى الرأي القائل بوجوب تأخير الطالق إلى الطهر الثاني. أما القلة من مراجع المذهب والتي أوردت هذا الرأي فإنها لم تصرح به وإنما أشارت إليه فحسب وقد إستخلصناه كما رأيت من تلك اإلشارات. أما البعض من فقهاء المالكية فالمستحب عندهم بعد المراجعة أن يمسك الرجل إمرأته حتى تطهر ثم تحيص ثم تطهر ليطلق عندئذ إن شاء. إستنادا إلى ما جاء في حديث ابن عمر المتقدم القاضي بتأخير الطالق إلى الطهر الثاني حتى يحصل الوقاع في طهر الحيضة التي باشر فيها الزوج الطالق والرجعة ألنه جاز له أن يراجع ليطأ ال ليطلق حتى التكون الرجعة بهدف الطالق فتضار الزوجة بذلك. وقد قال عز وجل : ف أ م س ك وه ن ب م ع ر وف أ و س ر ح وه ن ب م ع ر وف و ال ت م س ك وه ن ض ر ارا ل ت ع ت د وا )30( 378 )79(. وقال : و ب ع ول ت ه ن أ ح ق ب ر د ه ن ف ي ذ ل ك إ ن أ ر اد وا إ ص ال حا )37( )31(. فجعل هللا بذلك إرادة االصالح شرطا في اإلرتجاع. ذلك أن الزوج كما قال ميارة الفاسي لما باشر الطالق في وقت منع من مباشرته فيه حتى التطور العدة على المرأة أمر باإلرتجاع ليطلق للسنة اي في طهر خال من المواقعة ألنه لو أبيح له أن يطلق في الطهر األول بعد الحيض التي حصل فيها الطالق والرجعة كانت المرأة في حكم المطلقة قبل الدخول لعدم إعتدادها من وقت حصول هذا الطالق إذ تبنى عدة الطلقة الواقعة في الطهر األول على عدة الطلقة الواقعة في الحيض فيتحقق له ما أراد ألنه طلق في الحيض والطالق في الحيض فيه تطويل للعدة. لذا أمر بالمسيس في الطهر الذي يلي الحيضة التي طلق فيها وارتجع ليقطع حكم الطالق الواقع في الحيض وإذا قربها في هذا الطهر لم يكن له أن يطلق فيه ألن )33( النبي صلى هللا عليه وسلم نهى عن الطالق في طهر حصل فيه جماع. كما أن الزوج أمر بعدم الطالق في الطهر األول بعد الحيضة التي طلق فيها وارتجع ألنه الطهر الذي يرجى فيه اإلصالح بالمواقعة ومتى حصلت الموافقة كره له الطالق فيمسكها حتى تطهر من حيضة أخرى. )34(

7 وجوب المراجعة كأثر للقول بوقوع الطالق البدعي من حيث الوقت ويالحظ أن ما ذكره الفاسي بشأن تطويل العدة على المطلقة لو سمح للرجل أن يطلق في الطهر األول بعد اإلرتجاع في الحيض الذي طلق فيه إذ تعتبر كأنها طلقت قبل الدخول فتبنى على عدة الطلقة الواقعة في الحيض قد خالفه فيه أبو الوليد الباجي الذي يرى أن عدم إجبار المطلق في الطهر األول بعد اإلرتجاع في الحيض الذي طلق فيه على المراجعة يعود إلى أن هذا الطالق التطويل فيه للعدة على المطلقة فلم يتعلق به حق لها. ثالثا : داود الظاهري : وذهب داود الظاهري إلى القول بوجوب المراجعة ألن ظاهر األمر في حديث عبدهللا ابن عمر 379 )35( يفيد الوجوب. وإذا رفض الزوج اإلرتجاع أجبر عليه مطلقا حسب ما ذكر صاحب البدائع. وذكر )32( )36( صاحب طرح التثريب في شرح التقريب أن اإلجبار يكون في حالة طالق الحائض دون غيرها. نخلص مما سبق إلى أن جمهور الحنفية والمالكية والظاهرية ذهبوا إلى أن من طلق إمرأته وجب عليه مراجعتها وكذا إذا طلقها حال نفاسها أو في طهر واقعها فيه. وإذا رفض اإلرتجاع أجبر عليه. وقال البعض منهم: اليكون اإلجبار إال على من طلق في الحيض دون غيره وله أن يطلق بعد الرجعة أو يمسك. وقد إختلف أصحاب هذا اإلتجاه في الوقت الذي يجوز فيه للزوج أن يطلق بعد المراجعة فقال البعض: له أن يطلق في الطهر المتعقب للحيضة التي طلق فيها وراجع وقال البعض اآلخر ليس له ذلك إال في الطهر الموالي لطهر الحيضة التي طلق فيها وراجع إستنادا إلى الروايتين الواردتين بذلك عن الرسول صلى هللا عليه وسلم. الهوامش : )1( عبدالرحمن الجزيري : الفقه على المذاهب األربعة. دار إحياء التراث العربي. بيروت. لبنان ط 7. سنة ج 4. ص 319. )2( محمد بن عبد الرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري : جامع الترمذي مع شرحه تحفة األحوذي. دار الكتاب العربي. بيروت لبنان ( د ط (. ( د ت (. م 7. ص. 319 )3( أبو عبدهللا محمد البخاري : صحيح البخاري. دار الجيل. بيروت. لبنان. ( د ط (. ( د ت ). م 3. ج 2. ص. 57 )4( محمد أمين الشهير بإبن عابدين : حاشية رد المختار على الدر المختار. شرح تنوير األبصار. دار الفكر. بيروت. لبنان. ط 7. سنة ج 3. ص. 734 )5( أبو عبدهللا محمد البخاري : المصدر السابق. م 3. ج 2. ص 57. وانظر أيضا مسلم بن الحجاج النسابوري : صحيح مسلم. دار الكتب العلمية. بيروت لبنان. ( د ط (. ( د ت (. ط 0. ص. 676 )6( علي بن عمر الدار قطني : سنن الدار قطني وبذيله التعليق المغنى على الدار قطني للعظيم أبادي : عالم الكتب. بيروت. لبنان. ( د ط (. ( د ت ) ج 3. ص. 30 )7( موفق الدين ابن قدامة : المغني. دار الكتاب العربي. بيروت. لبنان. ( د ط ) سنة ج 8. ص. 738 )8( مالك ابن أنس : المدونة الكبرى. دار الفكر. بيروت. لبنان. ( د ت (. ( د ت (. ج 7. ص 21. عبدالرحمن الجزيري : الفقه على المذاهب األربعة. المرجع السابق. ص. 318 )9( أبو عبد هللا محمد الحرشي : الحرشي. على مختصر خليل. دار الفكر. بيروت. لبنان )د ط(. )د ت(. ج. 3 ص 78. )10( المرجع نفسه. ج. ص. 78

8 د. شرفي عبد القادر )11( سليمان بن خلف بن سعد الباجي : المنتقى شرح موطأ اإلمام مالك. دار الكتاب العربي. بيروت. لبنان. ( د ط ) سنة ج 4. ص. 94 )12( محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الشهير بابن رشد الحفيد : بداية المجتهد ونهاية المقتصد. شركة مصطفي البابي الحلبي وأوالده. القاهرة. مصر. ط 3. سنة ج 7. ص 20. )13( عبد الباقي الزرقاني : شرح الزرقاني على مختصر خليل. دار الفكر. بيروت. لبنان. ( د ط (. ( د ت.) ج 4. ص. 80 )14( الباجي : المرجع السابق. ج 4. ص. 92 )15( المرجع نسه. ج 4. ص 92. )16( الحرشي : المرجع السابق. ج 3. ص. 79 )17( محمد بن يوسف العبدري الشهير بالمواق : التاج واإلكليل لمختصر خليل. مطبوع بهامش مواهب الخليل لشرح مختصر خليل. )دن ). ( ر م ). ( د ط ). ( د ت ). ج 4. ص 41. )18( ابن رشد الحفيد : المرجع السابق. ج 7. ص 67. )19( مسلم بن الحجاج النيسابوري : صحيح مسلم. المصدر السابق. ج 7. ص. 678 )20( اإلمام مالك بن أنس : المرجع السابق. ج 7. ص. 21 )21( شمس الدين بن قدامة : الشرح الكبير على متن المقنع مطبوع مع المغني. دار الكتاب العربي. بيروت. لبنان. ( د ط ) سنة 0983.ج 8. ص. 756 )22( كالندب واإلباحة. وغيرها. راجع في ذلك عالء الدين البخاري : كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوي. دار الكتاب العربي. بيروت. لبنان. ط 0. سنة ج أبو محمد علي بن حزم : األحكام في أصول اإلمام : دار الجيل. بيروت. لبنان. ط ج 3. ص 7. )23( الخرشي : المرجع السابق. ج 3. ص. 79 )24( الصواب أال يطلقها في الطهر األول. والتصويب من السياق. )25( محمدبن أحمد بن رشد : مقدمات بن رشد. مطبوع مع المدونة الكبرى. لإلمام مالك بن أنس. دار الفكر. بيروت. لبنان. )د ط ). ( د ت ). ج 7. ص. 26 )26( ابن رشد الحفيد : المرجع السابق. ج 7. ص. 65 )27( المرجع نفسه. ج 7. ص. 65 )28( محمد بن محمد الحطاب : مواهب الجليل لشرح مختصر خليل. ( د ن (. ( د م (. ط ج 4. ص )29( محمد عليش : شرح منح الجليل على مختصر خليل. دار الفكر. بيروت. لبنان. ط ج 4. ص )30( سورة البقرة. اآلية. 730 )31( سورة البقرة. اآلية. 778 )32( الباجي : المرجع السابق. ج 4. ص. 98 )33( مبارة الفاسي : المرجع السابق. ج 0. ص. 771 )34( الخرشي : المرجع السابق. ج 3. ص 79. )35( أبو الوليد الباجي: المرجع السابق.ج 4. ص. 92 )36( موفق الدين ابن قادمة: المرجع السابق. ج 8. ص. 738 )37( زين الدين عبدالرحيم : المرجع السباق. ج 2. ص 82. وابن حجر : المرجع السابق. ج 9. ص 788. والشوكاني : المرجع السابق. ج 6. ص

Date: 01 January 2019 / 25 Rabi Al Thaani 1440

Towards the Top Winter Series 2018 Class #10 Date: 01 January 2019 / 25 Rabi Al Thaani 1440 Introduction Our time is precious and this is our capital. Surah Al Asr it s telling us to complete ourselves